09‏/01‏/2009

تشارلز داو ونظريته الخالدة – الجزء الأوّل

مقدمة:
أسس تشارلز داو Charles Dow وشريكه إدوارد جونز شركة داو جونز – Dow Jones في عام 1882، والّتي كانت تنشر تحاليل فنيّة تصف بها أوضاع الاقتصاد الأمريكيّ في أواخر القرن الثّامن عشر وبداية القرن التّاسع عشر. تعتبر "نظرية داو- The Dow Theory" والّتي نشرها بواسطة بعض مقالاته في مجلة Wall Street أهم نظرية في علم التحليل الفنيّ – Technical Analysis للأسواق الماليّة حتّى يومنا هذا.

مؤشر داو جونز – Dow Jones Index:
أسس داو أول مؤشر لسوق الأسهم الأمريكيّة في تاريخ 3/7/1884، حيث تمّ تركيب هذا المؤشر من أسعار الإقفال – Closing Prices لأحد عشر سهمًا: تسعة أسهم لشركات من قطاع النّقل بالسّكك الحديديّة Railroad وسهمين من شركات القطاع الصّناعي.

فقد شعر داو بأن أداء الأحد عشر سهمًا يزوّد لنا دلالة جيّدة على "صحة" الاقتصاد في الدولة. بعدها وفي عام 1897، قرّر أنّه يجب تأسيس مؤشرين منفصلين الواحد عن الآخر بغية الحصول على "صورة" أوضح لمّا يجري في الاقتصاد الأمريكيّ.

من هنا، تكوّن كلّ من مؤشر النّقل - Rail Index الّذي احتوى على عشرين سهمًا والمؤشر الصّناعيّ – Industrial Index الّذي احتوى في البداية على اثني عشر سهمًا حيث "نمى" عام 1928 ليحوي على ثلاثين سهمًا ممّا هو قائم عليه اليوم.

حاول محررو مجلة The Wall Street Journal تعديل وتطوير قائمة الأسهم الأساسيّة لداو حتّى أن نشروا عام 1929 مؤشر إضافي يصف أداء قطاع الخدمات Utility.

طبّق داو نظريته العمليّة على تحرّكات مؤشّرات الأسهم الّتي أسسها بنفسه – مؤشر القطاع الصّناعي ومؤشر السّكك الحديديّة، لكن من الممكن تطبيق منطق هذه النّظرية على تحركات المؤشرات الأخرى في العالم ومن ضمنها مؤشر الأسهم المحلي – تل أبيب 25.

العقائد الأساسيّة لنظرية داو:


المؤشرات تتجاهل كلّ شيء - : The Averages Discount Everything


تغيّرات أسعار الأسهم وتحركات الأسواق في Wall Street تعكس لنا مجمل القرارات الّتي اتخذها جمهور المستثمرين في الأسواق والنّاتج عن معلومات تمّ نشرها لهم في الماضي أو في الحاضر. لذلك، لا توجد حاجة بتوسيع دائرة التّحليل إلى معطيات أخرى – لها تأثيرها على قوى العرض والطّلب، فتحركات Wall Street قد "استوعبت" بداخلها تأثيرات هذه المعطيات بما في ذلك الحوادث المفاجئة. فكلنا علم أنّه لا يمكن توقع ما سيحدث في المستقبل من كوارث طبيعيّة كالهزات الأرضيّة مثلاً، لكن عند حدوث أمر كهذا سرعان ما يتم استيعابه في الأسواق بعد أن قام المستثمرين بتحليل مدى تأثير هذا الحدث على اتجاهات الأسواق.


السّوق لديه ثلاث موجات – The Market Has Three Trends:

الموجة السّعريّة – Trend بموجب تعريف داو لها ثلاثة اتجاهات: موجة تصاعديّة – Up Trend، هي حالة يظهر فيها أداء السّوق على شكل نقاط قمم وقيعان تصاعديّة، موجة تنازليّة – Down Trend، هي حالة يظهر فيها أداء السّوق على شكل نقاط قمم وقيعان تنازليّة، وموجة أفقية – Sideway، وهي حالة يظهر فيها أداء السّوق على شكل نقاط قمم وقيعان ممتدّة بشكل أفقيّ.

آمن داو بأن القانون الفيزيائي "الفعل ورد الفعل" ينطبق على تحركات الأسواق كما هو منطبق بشكل طبيعيّ على الكوّن الماديّ. بكلمات أخرى يقول لنا داو أنّ الأسواق تسير بنمطيّة معيّنة حيث اعتبر بأن التّحرك السّعري مكوّن من ثلاثة أجزاء: الموجة الرئيسيّة – Primary ، الموجة الثّانويّّة - Secondary، والموجة الصّغرى – Minor، حيث شبّه كلّ واحدة من هذه الأجزاء بالمدّ والجزر – Tide، الأمواج – Waves، ورقرقة الأمواج – Ripples، على التّوالي.

فإذا قمنا بمراقبة لأمواج البحر المتدفقة على الشّاطئ ورأينا أن كلّ موجة جديدة تخترق الشاطئ وتصل إلى نقطة أبعد من النّقطة الّتي وصلت إليها الموجة السّابقة، عندها نحدد أن البحر موجود في حالة المدّ. أمّا في حال رأينا أنّ الموجة الجديدة تتراجع في كلّ مرّة عن النّقطة الّتي وصلت إليها الموجة السّابقة عندها نحدد أنّ البحر موجود في حالة الجزر.

هذه كانت بداية الوّصف للنّمطيّة الّتي تعكس لنا تحركات الأسواق بحسب نظرية داو ، لكن خلافًا للبحار حيث يدوم "المدّ والجزر" لبضع ساعات فإنّه يدوم في الأسواق أكثر من عام ومن المحتمل أن يدوم عدّة أعوام.

الموّجة الثّانويّة - الشّبيهة بالأمواج، هي بمثابة تصحيح فنيّ للموجة الرّئيسية – "المدّ والجزر" حيث تدوم في الأسواق فترة ما بين ثلاثة أسابيع حتى ثلاثة أشهر، أمّا الموجة الصّغرى – الشّبيهة برقرقة الأمواج فهي تدوم فترة أقصاها ثلاثة أسابيع.




في العدد القادم سأشرح عن بقية عقائد هذه النّظرية مطبقًا إياها على أداء مؤشر تل أبيب 25.


ختامًا لهذه السّنة كثيرة التقلبات، أتمنى لكم سنة تحديّات جديدة مع نتائج إيجابيّة جعلها الله سنة مباركة وكل عام وأنتم بألف خير.

لكم تحياتي والله الموفق،
شادي توفيق بحوث: المحلل الرئيسي لغرفة الصفقات "مطاح 24"، عضو نقابة المحللين في بريطانيا ومحاضرا في مواضيع تجارة البورصة.

ليست هناك تعليقات: