14‏/04‏/2012

سوق العملات من إحتكار إلى إحتقار


يدلّ علم النُّمِّيَّات Numismatics) علم ألعملات) على أن بداية تاريخ أسواق العملات الأجنبية – الفوركس، يعود إلى عهد المملكة الليدية، غرب تركيا، حيث أصدر ملكها Alyattes أول عملة قديمة سنة 640 ق.م ليتطور نظام العملات،  منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا إلى قرابة 200 عملة متداولة عالميًا.

حتى أوائل التسعينيّات من المائة الماضية، لم يسمع عن سوق العملات، خصوصًا لقبه الأكثر رواجًا – فوركس، إلا مجموعة قليلة من المشتركين في هذا السوق الكبير كالمصارف، البنوك المركزية، صناديق الاستثمار والمضاربين الكبار، ويعود هذا لحواجز الدخول و الانتماء إلى هذا "النادي" التي كانت قائمة آنذاك، مثل: حجم الضمانات الكبير  المطلوب إيداعها للقيام بصفقات سوقية، وصعوبة التداول أو إن صحّ القول صعوبة التنافسية في هذا المجال بهدف جني الأرباح، مما أبعد المستثمرين الأفراد من هذا السوق لا بل لم يسمعون عنه البتّة.

هنالك شبه إجماع بالرأي بين عناصر إسرائيلية ذا شأن في سوق العملات على أن السيد يسرائيل بيرل، رجل أعمال إسرائيلي غامض، هو العقل المدبّر والمبادر في نقل هذا السوق للمستثمرين الأفراد، بداية في إسرائيل ومن ثم إلى العالم بأكمله.

الرواية تبدأ في سنوات التسعينيات وقتها يكتشف بيرل أوجه الشبه بين صالات الكازينو وبين مضاربة العملات وأن إحتمالات نجاح المستثمر الغير محترف في هذا السوق تلامس الصفر، مقررًا فتح أول صالة "مضاربة" للربح من تحركات أسعار الصرف في فندق مندرين، مدينة تل أبيب، معيدًا بهذا نظام Bucket Shops (صالات القمار) الذي كان قائم في الولايات المتحدة الأمريكية حتى الكساد الكبير عام 1929، وهي صالات قمار على أسعار الأسهم والعملات، إذ يعتقد المستثمرين بأنه يشتري السهم أو السلعة، والحقيقة أنه لا يوجد لصفقات الزبون أي علاقة وتأثير على قوى العرض والطلب للسهم المتداول في السوق الفعليّ، إذ تبقى صفقة الزبون داخل كتاب مالك الصالة، ليكون ربح مالك الصالة من خسائر الزبون والعكس بالعكس.

سرعان ما يرى بيرل نجاح النموذج التجاري لمبادرته، ليقرر أن يطوّرها إلى إطار أكبر في إسرائيل، فاتحًا بهذا عهد التداول الإلكتروني، مسهلاً على نفسه تجنيد المستثمرين الإفراد وعلى زبائنه عملية التداول. ولكي، يرفع من جاذبية السوق، أدخل بيرل نظام التداول بالرافعة المالية Leverage، منشطًا غريزة المقامرة لدى زبائنه، ضامنًا بهذا خسائرهم الفادحة.

نجاح مبادرته المحلية يدفع ببيرل إلى توسيع دائرة زبائنه إلى خارج حدود إسرائيل، ليسيطر من خلال شركته القابضة Bforex المسجلة في سويسرا، على أكثر من 17 غرفة تداول الكتروني حول العالم، من بينها IFOREX، ليلقّب بعد قرنين من العمل بـ "ملك الفوركس"، مع ثروة مقدّرة بـ 400$ مليون.

لم يقتصر خوض سوق الفوركس على عقل الإسرائيلي بيرل فقط، إذ لفتت هذه المبادرة أنظر رجال أعمال ومبادرين إسرائيليين آخرين، اللذين قرروا منال حصة من هذا السوق، ليصبح سوق الفوركس الموازي OTC FX Market محتكرًا عالميًا على يد رجال أعمال إسرائيليين ويهود أمريكا (كشركة FXCM). من الأسماء اللامعة في هذا المجال نجدها في قائمة شركات الفوركس المملوكة على يد رجال أعمال إسرائيليين.

الشركة
المالكين الكبار
AVA FOREX
نيجيف نوسادتسكي وعيمانوئيل كرونيتس
IFOREX
يسرائيل بيرل وإيال كرمون
MARKETS
تيدي ساجي
EASY FOREX
زليج شلجي، إيلي أونجر وعوفر كومم
4XPLACE
يئير وبيني أبراموف، شمعون كوهين
ETORO
يوني ودافيد آسيا، حيمي بيريس (أبن رئيس الدولة)، إيلي بركات
XFOREX
جيلعاد تيسونا، إيهود أسفيس
BFOREX
يسرائيل بيرل
هذا بالإضافة إلى شركة UFX Bank التي غيّرت إسمها إلى UFX Market، شركة  StartForex، شركة YouTradeFX،  شركة HFX، ForexYard التي بيع فيها الديسك العربي لشركة Markets، شركة Real Forex، شركة GoForex، شركة Sunbird FX.

ترى كل من هذه الشركات في السوق العربي، خصوصًا دول الخليج، سوقها الأكثر ربحًا ويعود هذا إلى الكّم الهائل من اموال هذه المنطقة. الأمر الذي دفع برجل الأعمال الإسرائيلي الشاب تيدي ساجي لدخول هذا السوق والتنافس مع بيرل هادفًا بأن تصبح شركته Markets.com أحد أكبر 5 لاعبين في هذا السوق. مرفق تقييم لمعدل إيرادات هذه الشركات السنوي.



لكن، ما أدركه "ملك الفوركس" - يسرائيل بيرل في بداية طريقه، لم تدركه أغلبية هذه الشركات، وهو الحرص كل الحرص على سمعة الشركة، خصوصًا بسلوكها النقدي تجاه زبائنها. فكثيرًا ما نسمع عن مستثمرين أفراد أرادوا سحب أرباحهم أو سحب ما تبقى من أموال لهم في رصيدهم عند هذه الشركات،  ولاقوا أساليب نصب وإحتيال إنتهت بعدم إرجاع المال لأصحابه الشرعيين.

ختامًا، يبقى سوق العملات الأكبر عالميًا والأكثر إثارة ومرونة للمتداول المعني بجني الأرباح، لكن إذا قررّ أحدكم التداول في هذا السوق، فمن الأفضل أن يبحث عن شركات سمسرة Brokers المانحة منصة تداول مباشرة مع السوق الحقيقي وليس الوهمي، والأهم من هذا، شركات ذات سلوك نقدي أخلاقي وسليم.
 
شادي توفيق بحوث:خبير أسواق العملات الأجنبية منذ عام 1998، عمل كبير أستراتيجي أسواق النقد والأسهم في كبرى غرف التداول في تل أبيب، الأكثر إقتباسًا لدى وكالات الأنباء وجالية المصارف التجارية، محاضر ضيف في عدة جامعات ومعاهد أكاديمية، عضو نقابة المحللين في بريطانيا والآن يدير محافظ أستثمارية لأثرياء العالم العربي

نحترم أرائكم على البريد الإلكتروني: shadybahouth@gmail.com

توضيح المخاطر: المعلومات الواردة في هذا المقال هي للإطلاع فقط. ولا تعني حث المطلع عليها للاتجار بأي عملة أو أسهم أو سندات أو معادن أو أي ورقة مالية . حيث تعكس المعلومات في هذا الموقع رأي الكاتب نفسه و الذي من المفترض أن تكون دقيقة و لكنها لا تعتبر مضمونة أو دقيقة, ونحن لا نعد ولا نضمن بأن تبني أي من الإستراتيجيات المشار إليها سوف يفضي إلى أرباح تجارية. وبالتالي فإن الكاتب ليس مسئولاً بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر قد تنتج من الأخذ بالمعلومات الواردة فيه.

ليست هناك تعليقات: