29‏/07‏/2011

الصكوك الأسلامية، هي الحل

اختتمت مجلة مالكم مؤتمرها الاقتصادي السنوي الثاني في مدينة الناصرة، تخلله حوارًا أداره السيد يورام تيتس – مدير شريك في Ernst & Young، طرح فيه أمكانية تجنيد رأس مال جديد لصالح الشركات العربية، من خلال اللجوء إلى آلية اكتتاب الأسهم في بورصة تل أبيب، بغية توسيع نشاط هذه الشركات. هذا، وصرّح أحد أعضاء هيئة المتناقشين Panel، أنه توجد لدينا (الوسط العربي) اليوم شركتين عربيتين على الأقل، قد بلغتا مرحلة الدخول إلى "ميدان الكبار"، لعل شركة Alpha Omega المملوكة لفخر شبابنا العربي، المهندس عماد يونس، أحدى هذه الشركات.

تخلل الحوار عرضًا لأهم إيجابيات طريقة تجنيد رأس المال من خلال البورصة (بورصة تل أبيب طبعًا)، وقام أحدهم "بالتبرع" بكل ما يلزم من استشارة، علاقات وغيرها من تسهيلات لتحقيق "الحلم".

الغريب في الأمر (من جهتي على الأقل)، كان "حماسة" أعضاء هيئة المتناقشين من الفكرة المذكورة أعلاه، مؤمنين أنها هي الوسيلة "الأفضل" لنا كرجال أعمال عرب في البلاد، إن لم تكن الوحيدة (حسب اعتقادهم) لتجنيد رأس مال جديد، عوضًا عن البنوك التجارية، أهم مصادر التمويل المعروفة لهذه الشركات.

أقولها بصراحة، أن نيّة "المتطوّعين" لمساعدة الشركات العربية بتجنيد المال من خلال بورصة تل أبيب تحديدًا، بعيدة كل البعد عن أي عمل تطوعي (فما عُدّت الأجبان المجانية إلاّ لمصايد الفئران)، خصوصًا بعد أن قمت بطرحي عليهم إمكانية تجنيد المال من على منصة بورصة جديدة عربية، كبديل آخر، يكون منشأها في أحد المدن العربية، وفقًا للقانون الإسرائيلي الذي يسمح بإنشاء بورصة جديدة، لكن في مدينة مختلفة، بدلاً من التقيّد بالحل الواحد والوحيد. وما أنهيت سؤالي هذا، ليبدأ كرنفال استعراضي للحجج المستهترة للفكرة المطروحة، محاولين إقناع الحضور بأن البورصة القائمة هي الحل الأنسب.

ربما أهم ما أدّى إلى فشل الشركات العربية (قضماني وجاد) في خوض تجربة البورصة في السابق، هو اختلاف الثقافات Cultures، بين الثقافة العربية والثقافة اليهودية الإسرائيلية. نعم، قد يحتاج المبادر العربي إلى آلية البورصة، لكن يجب عليها أن تكون وفقًا لثقافته، وأن تخدم مصالحه، ملبية احتياجاته التمويلية، والأهم من ذلك كله، أن تفعل هذا دون أي ضغوط "غريبة". لذا، فإن كان المراد هو البورصة، فلماذا لا نلجأ إذاً إلى بورصة فلسطين، فهي تلبي كل ما نحتاجه لتجنيد رأس المال بالإضافة إلى ما يلي:
1.الأقرب علينا من ناحية الثقافة.
2.شروط الأدراج أكثر تناسب مع حجم هذه الشركات.
3.الكشف عن منتجات الشركات العربية المحلية على العالم العربي، ممّا قد يساهم في سهولة اختراق الأسواق العربية وتسويق منتجات هذه الشركات فيها.
4.البعد الجغرافي.

برأيي، الشركات العربية المحلية القائمة اليوم، ليست بحاجة ماسة إلى آلية البورصة (أي كانت، تل أبيب، نابلس أو غيرها) بل هي بحاجة لأداة تلبي ما يلي:
1.تجنيد رأس مال جديد
2.عدم إدخال شركاء (غرباء) لشركاتهم
3.تقليص المخاطر

من هنا، قد تكون الصكوك الإسلامية، بمثابة الحل الأنسب (مقارنة مع الأسهم والسندات) لما نحن بأمسّ الحاجة إليه. بداية، نعرّف ما هي هذه الآلية: الصكوك هي آلية تمويلية، عبارة عن أوراق مالية يضمنها أصل أو مشروع استثماري يدرّ دخلاً، تكون بمثابة حصص ملكية على المشاع في هذا الأصل أو المشروع الاستثماري. وهنالك أربعة عشر نوعا من أنواع هذه الصكوك، منها الإجارة، السلم، الاستصناع، المشاركة، المرابحة وغيرها من صكوك.

نشير إلى أنّ أهم الفروق بين الصكوك والسندات التقليدية هو أن مالك الصكوك يشارك في العائد المتحقق من الأصل الاستثماري، بالإضافة إلى إمكانية تعُرضه للربح والخسارة بالتناسب مع قيمة صكوكه التي يمتلكها وذلك على عكس السندات التي تدر فائدة ثابتة، والمحرمة حسب الشريعة الإسلامية لما تحمله من ديون ربوية. وتختلف الصكوك الإسلامية عن الأسهم، بكون الأسهم حصة من رأس مال الشركة المكتتبة، وكل سهم هو جزء من أجزاء متساويـة لرأس المـال أو وثيقة تعطي للمساهـم إثباتا لحقه. هذا بالإضافة إلى، أن السهم يعطي صاحبـه حقاً في حضور الجمعية العمومية للشركة، والتصويت والاشتراك في الإدارة، والرقابة، وغيرها من أمور لا تُمنح لحامل الصكوك الإسلامية. أيضًا، للصكوك تاريخ للتصفية، متعدد الأجل، إذ أنه يختصّ بمشاريع لها تاريخ ابتداء وتاريخ إنتهاء، خلافًا عن الأسهم التي لا يوجد لها تاريخ للتصفية. كما أنّ الشركات تصدر الصكوك كمنتج من منتجاتها التجارية، أما أسهم الشركات، فهي تمثل ما تملك شخصيتها الاعتبارية من أصول وأعيان وغير ذلك، وليست من منتجاتها التجارية. وتتفق الصكوك الإسلامية والأسهم من حيث خصائصها فهي:
1.متساوية القيمة
2.لها قيمة اسمية
3.قابلة للتداول
4.صاحبها معرض للربح والخسارة، وليس للفائدة أو الربح المضمون محل أو مكان في الأسهم والصكوك الإسلامية.

قد يخطئ البعض بالظّن عندما يفكر بأن هذا النوع من آليّات التمويل، ملائمة للمسلمين فقط. حيث قامت كل من الحكومات الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية بإصدار صكوك إسلامية، حيث تشير المعطيات إلى أن أغلبية مشتري هذه الصكوك غير مسلمين.

نذكر، أن حامل الصكوك، كصكوك الإجارة مثلاً، يمكنه بيعها، ففي هذه الحالة تتوقف قيمة الصك على عوامل سوقية منها: قوى العرض والطلب، عمر الخدمة، وكفاءة أداء الأصل.

ختامًا، يمكننا التخلي عن "برسـتيج" بورصة تل أبيب، فقليل هو عدد شركاتنا التي توفي بجميع شروط الإدراج فيها، إضافة إلى أن احتمالية إصدار صكوك إسلامية في هذه البورصة يلامس الصفر، علماً بأن حكومات الدول الكبرى قد أصدرت مثل هذه الآلية في السابق. وإن كانت هناك حاجة لاكتتاب الأسهم، فقد تكون البورصة الفلسطينية، الخيار الإستراتيجي الأفضل مقارنة مع تل أبيب.

شادي توفيق بحوث: المحلل الرئيسي لغرفة الصفقات "مطاح 24"، عضو نقابة المحللين في بريطانيا ومحاضر في مواضيع تجارة البورصة.

نحترم أرائكم على البريد الإلكتروني: shadybahouth@gmail.com

توضيح المخاطر: المعلومات الواردة في هذا المقال هي للإطلاع فقط. ولا تعني حث المطلع عليها للاتجار بأي عملة أو أسهم أو سندات أو معادن أو أي ورقة مالية . حيث تعكس المعلومات في هذا الموقع رأي الكاتب نفسه و الذي من المفترض أن تكون دقيقة و لكنها لا تعتبر مضمونة أو دقيقة, ونحن لا نعد ولا نضمن بأن تبني أي من الإستراتيجيات المشار إليها سوف يفضي إلى أرباح تجارية. وبالتالي فإن الكاتب ليس مسئولاً بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر قد تنتج من الأخذ بالمعلومات الواردة فيه.

ليست هناك تعليقات: